بقلم محمد عبد العزيز
كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الافريقية
بلورت قمة العشرين في نيودلهي ٢٠٢٣ بداية الحرب الباردة الجديدة ما بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من جانب وبين الصين وروسيا من جانب آخر ، حيث أتضح ذلك من بداية التنافس في المحافل والتجمعات الدولية بين الشرق والغرب على ضمان ولاء الحلفاء التقليديين كما أتضح أيضا من مواقف جلية في سعي كل جانب لاسترضاء ومحاولة كسب الدول النامية ويمكن بيان ذلك
كما يلي :-
.. غياب رئيس الصين للتأكيد على رفض الصين لسياسات التصعيد الأمريكية في بحر الصين الجنوبي واستمرار دعم تايوان عسكريا والاتجاه الأمريكي لصنع حلف أوكوس الذي يضم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واستراليا على مقربة من الصين
ودعم الولايات المتحدة الأمريكية للمنافسة من كلا من الهند واليابان وكوريا الجنوبية ضد الصين .
.. غياب رئيس روسيا للتأكيد على رفض روسيا لمسلسل التصعيد الغربي تجاه روسيا من خلال العقوبات الاقتصادية ضد روسيا فضلا عن دعم الغرب لأوكرانيا عسكرياً والتأكيد على أن روسيا قادرة على إكمال مسيرتها ونهجها بدون الخضوع للغرب.
.. استخدام رئيس وزراء الهند “مودي” إسم بهارات الذي يعني أرض الجنوب باللغة الهندية ومذكور هذا الاسم في الكتب الهندوسية المقدسة بما يؤكد على أن الهند قديمة قدم الصين وانه كما أن الصين لديها طريق تصدير الحرير قديما فإن الهند لديها طريق تصدير البهارات قديما وهذا تنافس إقليمي ودولي خاص جدا بين الهند والصين.
.. توقيع بايدن مع الهند والمملكة العربية السعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي اتفاقية تعاون دولي جديدة لسلاسل توريد جديدة بديلة لسلاسل توريد طريق الحرير الصيني من خلال اتفاقية مبدئية لما يعرف بالممر الكبير ومخططا لهذا الاتفاق أن يقدم استثمارات في الربط بخطوط سكك حديد وتصدير الطاقة النظيفة ومد كابلات انترنت بحرية.
.. اعلان الرئيس الأمريكي “بايدن” إمكانية زيادة فرص دعم وتمويل البنك الدولي للاستثمار في مشروعات البنية الأساسية في الدول النامية.
.. اعلان الرئيس الأمريكي “بايدن” عن ممر لوبيتو للتنمية في افريقيا بين كلا من جمهورية الكونغو الديموقراطية وزامبيا وأنجولا.
.. لقاء رؤساء دول إقليمية متنافسة فيما بينها على هامش القمة مثل لقاء الرئيس المصري والرئيس التركي يفتح الباب لتبادل الرؤى والحد من التصعيد ومحاولة التقارب بينما لم يحدث ذلك بين القوى الكبرى في الشرق والغرب لزيادة المنافسة وحدة النزاع على الهيمنة والنفوذ الدوليين بما يمنع التواجد معا للتشاور وتقريب وجهات النظر لأن المواجهة أصبحت في مراحل الحسم بين كبار الشرق والغرب بشكل يحدد مصير ومستقبل العلاقات السياسية والاقتصادية للعالم.
.. حضور رؤساء دول من خارج مجموعة الدول العشرين الصناعية الأكبر مثل رئيس جمهورية مصر العربية وحديثة عن مستقبل البشرية وضرورة نقل التكنولوجيا وتمويل مشاريع صديقة للبيئة تراعي التغير في المناخ بما يشير إلى تشكل رؤية الجانب المحايد من العالم حيث تشير توجهات دولة مثل مصر إلى رؤية البلدان ما بين الشرق والغرب لنفسها وللعالم ولكيفية مواجهة التحديات والصراعات السياسية والعسكرية والمنافسة والنفوذ الاقتصادي بين الشرق والغرب.
وختاما قد يسأل سائل عن إمكانية تقويض اتفاق الممر الكبير وسلاسل التوريد الجديدة المقترحة بين الهند والخليج العربي وأوروبا برعاية أمريكية لمستقبل مبادرات مثل الحزام والطريق واتحاد بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون التي تعتبرهم الصين فرصا واعدة للصين وروسيا والعالم أجمع وهنا أود أن أقول أن الهند تحاول الصعود من خلال قمة العشرين ٢٠٢٣ كما فعلت الصين في قمة العشرين ٢٠١٦ والأوضاع بين الشرق والغرب مواتية لذلك فضلا عن أن الهند لها مصالح مع روسيا تدفعها لاحترام المنافع الاقتصادية لاتحاد بريكس كما أن الهند تنتهج نفس نهج الصين في تكريس كل فرص النمو للصعود الاقتصادي ثم السياسي وبهذا فإن فرص تقويض المبادرات والاتحادات والمؤسسات الصينية والروسية
الدولية أمر لا محل له من الإعراب بل سيترتب على الهند والصين عند حد معين التقارب والتفاوض بشأن أي خلافات حدودية أو منافسات إقليمية ودولية بينهما أو سيتعين على الهند الخروج من أي منظمة تجمعها بالصين إذا فضلت الهند الاكتفاء بعلاقتها مع الغرب وهذا أمر مستبعد حتى الآن ومستبعد أيضا في المستقبل القريب وفقا لاستطلاع ترتيب الأحداث ومجريات الأمور الحالية والمتوقعة قريباً ومن تلك الأمور المتوقعة قريبا في ظل الحرب الباردة الجديدة أن أمر الغياب وارد وقابل للتكرار من قبل الرئيس الصيني والرئيس الروسي عن حضور الاجتماعات المؤسسية الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ومن المتوقع أيضا أن تظل رسالة مصر الأكثر حيادا ووضوحا في المطالبة بنقل التكنولوجيا المتقدمة وعدم الاستئثار بها في الغرب أو الشرق وربط تلك الرسالة بمستقبل الإنسانية من حيث فرص الاستثمار والتعاون من خلال وجود حد أدنى من التكنولوجيا لدى الجميع وعلاقة ذلك بتغير المناخ وضرورة تعزيز توافر التكنولوجيا المتقدمة في كل البلدان حول العالم وتعزيز فرص الاستثمار في الطاقة النظيفة والاقتصاد الاخضر للحفاظ على البيئة ومستقبل البشرية.
More Stories
شرود أنثى حافية على الأشواك.. بقلم علياء حلمي
محطة مصر.. بقلم علياء حلمي
بداية الطريق.. بقلم علياء حلمي