مجدى مرعي
مؤلف ومخرج مسرحى للطفل
موجه عام تربية مسرحية
ــ إننا قبل ذى بدء علينا أن نتناول الواقع بكل مفرداته ومحاولة إصلاحه لأن بقاءه هكذا سيكون من الأمور الداعية لهدم وطمس ثقافتنا والتى منها وبدون شك أدب أطفالنا ، ومع عدم إغفال التيارات الثقافية الواردة الينا ومردودها على ثقافتنا فمن الملاحظ أن :
• هناك الكثير من الجهات المعنية بشئون الطفل أدباً وفنوناً ، عند تفحص خريطة العمل بها نجد كل منها تعمل فى جزيرة منفصلة عن الأخرى ، فتعمل نفس العمل ولكن بصيغ مختلفة والأدهى من ذلك أنها تعمل بروتين الوظيفة وليس بروح التخصص وجميعها بالطبع لاتصل إلى الهدف المطلوب …
فلماذا لا تتولى جهة معينة كل أمور الطفل فناً وإبداعاً وتصب فيها جميع إمكانيات الجهات الأخرى التى تعمل فى هذا الشأن وبدون جدوى ؟؟ وعليها أن تحقق الإنتشار الأفقى فى كل ربوع مصر لاستيعاب الأطفال فى كل البيئات المختلفة ، على أن تضم الكوادر المتخصصة فى هذا المجال ، لتخرج من عباءتها بعد ذلك جيلاً من الأطفال الأدباء الذين يكتبون الشعر والقصة وغيرهما …فكم تكون سعادتنا سعادة بالغة بطفل أديب يكتب لطفولته ، اكثر بكثير من سعادتنا بأديب كبيرسناً يكتب للطفل
• اهتمامنا البالغ فى ساحاتنا الأدبية المشتملة على نواد وصالونات وروابط وما إلى ذلك ..يكون نصيب الطفل فيها ضئيل جدًا وإن تم ذلك فى الجهات الرسمية يتم بناء على نشرات ملزمة مع عدم وجود تفهم كامل لأدب الطفل ، فبحكم النظرة السطحية نجد أن الأديب حينما يكتب بشكل بسيط وساذج ظاناً أنه بذلك يكتب أدباً للطفل
• الطفل الذى يقرض شعراً مثلاً بعد مرور أعوام وبعد بلوغه سن المراهقة فإنه ينتقل بأجندته إلى قافلة الأدباء الكبار دون تدارك أن الأديب المعنى بالطفل يمكن أن يظل حياته يكتب للأطفال .. فالمسألة إذن ليست هى الإنتقال من مرحلة إلى أخرى، لذلك فنحن نحتاج لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة
• إفتقاد ثقافتنا الطريق إلى تنمية الحاسة الإبداعية للأطفال لدفعهم للكتابة تعبيراً عن عوالمهم الخاصة وليست عن عوالم الكبار.. والثقافة بشكل عام إن حققت فعاليتها فى هذا المضمار، فيكون ذلك فى عدة بؤر تواجدت فى عواصم المحافظات ، ليظل طفل القرية المبدع لايجد من يأخذ بيديه، فالثقافة الفعالة هى التى تعمل فى كل الأصعدة للصغير قبل الكبير
• إنحصار التعليم على العملية التعليمية أولاً وممارسة بعض الأنشطة والتى ليس منها الإهتمام بالأطفال الذين يظهر عليهم علامات النبوغ فى الكتابة فهذا للأسف غيرمدرج بقائمة الأنشطة
• إفتقاد كل الجهات المعنية بشئون الطفل لورش يتعلم الطفل من خلالها فنون الكتابة الإبداعية، وإلمامه ببعض المعارف والمصطلحات الأدبية عن الشعر والقصة والدراما والكتابة الصحفية إلى غير ذلك وذلك بإستقدام محاضرين من أدباء متخصصين فى شئون الأدب وشئون الطفل سيكولوجياً مع وعيهم التام بمراحل النمو وخصائص كل مرحلة
ــ وألخص ما سبق فى أن السبيل لولادة أطفال أدباء هى تلك الورش الإبداعية :
• ولعل من أبرز هذه الورش التى حققت نجاحاً هى مشروع مسرح الجرن ، الذى اتخذ من مدارس القرى ميداناً له، فراح ينقب بالأطفال عن التراث الشعبى من حكايات ، وأغان، وألعاب شعبية..فيستقون منه إبداعهم ويعبرون عما يكتبون شعراً أو قصصاً وبعبرون عما يتأثرون به من واقعهم المعاش بكتابات درامية يكتبونها ويمثلونها ، ويعيدون صياغة ماجمعوه من خامات بيئية او أفكار بأشكال جديدة او رسومات معبرة، فكان هذا المشروع مراهناً على لإكتشاف طفل أديب وفنان، وربما كان السبب فى ذلك هو اختيار نخبة من الأدباء والفنانين فى كل موقع على دراية وتفهم كامل بطبيعة الطفل وبيئته ، وتفهم لطبيعة المهمة الموكلة لهم..فكان من الطبيعى هو ظهور هذا الناتج الإيجابى
• ومن أبرزهذه الورش أيضاً وهى مايقام باسم نوادى أدب الطفل والتى تحتاج إلى استراتيجية تامة من تفهم القائمين عليها فى استكشاف الحاسة الإبداعية لدى الأطفال ودفعهم للكتابة مع تنوعها وهذه الورش مازالت محصورة فى أماكن قليلة دون انتشار ليستفيد منها كل الأطفال فى كل البيئات
ــ وإذا كنا نبحث عن المأمول فى أدب الطفل فإننا نوجز ذلك فى عدة نقاط…ألا وهى :
• تفعيل تلك الورش الإبداعية على نطاق واسع
• تكوين هيئة بديلة تكون معنية بشئون الطفل كما ينبغى بعلم ودراية وتعفى كل ماتقوم به كل الجهات من مجهودات ضائعة، ويصب فى فيها جميع إمكانيات هذه الجهات أو أن تغير استراتيجيتها بطرق علمية مدروسة ، ليكون هدفها هى إظهار نبوغ الأطفال فى كل الأنشطة وفى كل أنواع الكتابة الإبداعية
• أن يمتد نشاط المركز القومى للطفولة ومركز توثيق وبحوث أدب الطفل إلى خارج العاصمة ليكون لهما محطات عمل فى كل المحافظات خاصة النائية منها
• أن يكتب الأطفال معبرين عن أنفسهم بعقولهم لعالمهم الجديد الذى يعيشونه
• أن يكتب الكبار لعقلية الصغار
• أن يتنوع الإنتاج الأدبى للأطفال ولايقتصر على الشعروالقصة
• أم يخرج طفل شاعرواّخر راوو اّخر قاص واّخركاتب دراما واّخر كاتب مقالة أو سيناريو
• أن يظل أديب الطفل يكتب للطفل، ولا ينتقل إلى مرحلة أخرى، فهناك الكثير من أدباء الأطفال من ظلوا حياتهم يكتبون للطفل دون أن ينتقص هذا من حقهم ومكانتهم الأدبية
• عدم تركيز الضوء الإعلامى وفرص للطبع والنشر المجانى على كتاب معينين لأدب الطفل وتجاهل كتاب اّخرين مغمورين وبالاخص مما يقطنون فى ربوع الأقاليم
• أن يقدم أدباؤنا التراث الشعبى بما يحويه من حواديت وغناء وأمثال وعادات وسيرشعبية لتكون بين يدى الاطفال كى ينهلوا منه ويعيدون صياغته ويستقون منه أفكارهم الجديدة المسايرة لروح العصر
• أن تكون التوصيات المرفوعة عقب كل مؤتمرللطفل محل تنفيذ وبحث ودراسة ، ولاتكون مجرد أوراق توضع فى ملفات
مجدى مرعي
مؤلف ومخرج مسرحي للطفل
موجه عام تربية مسرحية

More Stories
“مريم… انتصار الروح على الألم”
حين تغيّر الحلم أو تغيّرنا نحن؟
كنتُ الأمان فاتهموني أني الوجع /حين شُبّهتُ بغيري وظُلِمت بصدق مشاعري