هذه الصورة تلخص ما الت إليه الأحوال و الفرق الشاسع، بعدما كان هناك ذاك الجيل الذى اخذ يبنى ليصنع المجد و يسطر اسم هذا البلد بحروف من نور، من خلال تاريخ مشرف مشفوع بالآثار الشامخة والابنية العريقة، التى ما زالت شاهدة على العصور الماضية، فى أرجاء مصر و التى تباينت فيها الثقافات التى صنعت تاريخ هذا البلد .. الفراعنة .. و الرومان .. و الفاطميين .. و العثمانيين .. و المماليك .. و أخذ كلا من هذه الثقافات يبدع ليترك بصمتا له واضحة .. وعندما يأخذ الباحث جولة بعين الخبير فى تاريخ هذه الدولة، التى احتضنت كل هذه الثقافات و أخذت منها و امتزجت مع هذا الشعب، لتصبح جزء من نسيج و أصول هذه الأمة المصرية، التى تفردت بالتعايش مع كل تلك الحضارات، ونهلت منها و امتلأت ربوعها بصورا لكل هذا التاريخ .. و شاهدا على ذلك القاهرة .. التى قهرت كل اعدائها، ووقفت صامدة فى وجه كل من حاول أن يمحوا هويتها وإنما ابتلعت كل هؤلاء فى بوتقتها السحيقة، وامتزجت مع كل وقت وحافظت عليهم جميعا، لتزين جنباتها وتشكل تاريخ القاهرة منذ الفراعنة …. حتى تصل إلى الابراج الشاهقة ..
و هذا ما قد كان بأيدى هؤلاء من الأجيال السابقة، التي صنعت تاريخ و أظهرت للعالم الصورة اللامعة البراقة لهذه الأرض الطيبة، التى كانت وستظل مهد الحضارات … إلى أن وصلنا لما نحن عليه الآن … نتحدث عن الماضى و نتفاخر به ولانصنع لحاضرا و مستقبلنا كما فعل الأجداد، بل وصل بنا الحال لتشويه هذا الألبوم الجميل، الذى يحمل عبق التاريخ، ولم نكتفي بالسلبية وأنما وصلنا إلى محطمين ومشوهين لمثل هذه الظواهر، والتاريخ الذي يتحاكى عنه العالم، بل وإنما البعض يدرسه لأجياله ليتعلم منه ..
والكل يعلم أن ذلك يعد صناعة و مصدر رزق والعملة الصعبة ” السياحة ” و اسمحوا لى أن أطلق صرخة و توجيه اتهام لكل من يقصر و يهمل، ويتعمد أن يشوه هذا الجمال والتاريخ وأن نعتبر ذلك تعدي على الأمن القومي لهذه الأمة …
ولينهض شباب هذا البلد، ليستعيد رونقها ويمنع مثل هذه الصورة بكل الوسائل … و أن كان ليس له القدرة على فعل شئ مما سبقه إليه الأجداد فليعمل، ليحافظ على ما فعله أجدادهم .
More Stories
الزوجة بين نثريات الإشتياق.. بقلم منى فتحي حامد
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
خطر الصور المفبركة عبر الذكاء الاصطناعي وطرق الوقايه منه