دكتور . حسن سليمان
الله خالق الكون بكامل الحكمة الإبداع .
فهو الكريم واهب الإنسان أهم صفاته ليكون الخليفة في الأرض يُعمرها ويُطورها . ذلك الإنسان من سُخرت لأجله الأرض والسماء وتميز عن سائر المخلوقات.
بيده خيوط رفيعة جداً يوزعها بإختياره وذكاءه ويُقطعها برغبة إحتياجه. خيوطاً تصله بالأخرين يُمرر خلالها خبراته ويبلغ إحتياجاته ويُوثر بمشاعره ويُوصل رسائله لمن إتصل بطرف الخيط الأخر .
خيوطاً مزدوجة الإتجاه دون عوائق أو حواجز .
يرد الطرف الأخر عن مردود ما وصله فتقوى الخيوط رويداً رويداً وتُصبح حبالاً ودعائم قوية لتواصلنا وإتفاقنا . أو تنقطع وتتهدل لتُسقط معها أقنعة إختلافنا وتنافر الرؤى بيننا.
فذلك مُحاضراً مرموقاً لديه أفكاره وأدواته الخاصة, يبدأ في مقدمته بعرض خيوطه الكُثر . يوزعها بدهاء المحترف الواعي , فكل الحضور متأهبين للتواصل . ثم يبدأ بالصياح والزجر والنهر والتعنيف , ناقداً شاكياً مؤنباً , يُغلظ الأفكار ويُعقدها بتكبر ويُؤكد أنه العالِم لا غيره أصح أو أكمل .
يُلوي الأحرف ويستخف بالعقول بغرور المُسيطر مغشي بصيرته ، فتتقطع الخيوط الواصلة بين جمهوره وتتسع المسافات بين رسائله فلا مردود لها أو أثر .
وهذا قائداً ومديراً وضع تحدياً يومياً له بثقافة القائد الأكثر تأثيراً، ألزم نفسه بالتقليل من أفعال الأنا والإكثار من أفعال الأخرين .
فيقلل من الكلام والإجتماعات والنقد و يكثر من الإستماع والمتابعة والتطوير، ويقلل من التكشير والتأجيل والطلب و يكثر من الإبتسام والإنجاز والعطاء .ويستبدل الشك والتخويف واللوم بالنقد والتحفيز والتشجيع . فلا ينشغل بالتفاصيل عن الرؤية ويطرح الأسئلة بدلا من طلبه الإجابات، فيبني قادة ولا يستنسخ التابعين .
المدير الناجح لديه خيوطاً للتواصل يُوظفها ليحتضن الإبداع في العمل مهما صغر، ويؤمن بمشاركة الأفكار والمعرفة ويعمل على صهر الفواصل بينه وبين فريقه .
فمعرفة القيادة ومفهومها هى معرفة التعامل بحرص وذكاء مع الخيوط الرفيعة .
وذكاء التعامل والتواصل والأكثر تحدياً هو البقاء على الخيوط ضعيفة أحيانا أو قطعها بحكمة مع كل الطاقات السلبية فى حياتنا، من يحملوننا المتاعب والشكوى، يثقلون الأحمال علينا دون دفع أي فواتير.
فنري الثرثارون محبو نقل الأخبار السيئة هم النمامون بلا توقف فلا نشترك معهم .
ونجد مدمنو الغضب يتعاملون مع التوتر بالصراخ والإتهام فنضع لهم الحدود والضوابط .
وهناك النرجسيون يشعرون بأهميتهم الخاصة ويسعون للثناء والإهتمام المستمر بهم فلا يتقبلون النقد أو التوجيه فهم الحساسون دون وعى تجاه حروف التطوير .
يحيط بنا السلبيون المتأخرون الغير أوفياء بالوعود فنعاملهم بوضوح وثقة ولا نبحر فى أسبابهم ولا نتعاطف مع وجودهم السلبي المؤخر المثبط للعزائم .
خطوات النجاح لدى الواثقون تبدأ بإستغلال خيوط نملكها ونصلها بإختيارنا أو نتجاوب مع وصلنا معها.
تعلمنا التواصل الفعال بأنه مجموعة الرسائل من مُرسِل إلى مُستقِبل يُبلغ رسالته بوسيلة جيدة ومناسبة ويترقب أثر وردود الرسالة لتكتمل حلقة التواصل من مرسل ومستقبول ورسالة ووسيلة ورد فعل .
أرى قوة التواصل الفعال فى حكمة إختيار من يتصلون بخيوطنا الرفيعة، ندعم خيوط لها إفادة ومسؤولية لنا، ونقطع خيوط تؤخرنا وتعطلنا وتشوه ما رسمناه من أهداف، ونُضعف خيوط فُرضت علينا دون إختيارنا وبمرونة نتصل بها في أضيق الحدود وبكل سيطرة ودقة .
فدعى الإسلام على حُسن التواصل وإختيار الأسلوب والطرائق فى بناء جدار الثقة
فقال تعالى :(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )
أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلته بجهله، فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه، ومن قطعك فَصِلْهُ، ومن ظلمك فاعدل فيه.
فهذا صُنع الله .
الإنسان أعظم المخلوقات ..
More Stories
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
خطر الصور المفبركة عبر الذكاء الاصطناعي وطرق الوقايه منه
حمارٌ فى أعين ذئاب بشرية.. بقلم علياء حلمي