الحرنكش ثمرة تظهر مع قدوم الشتاء، ذات لون أصفر و مذاق حمضى لاذع، تغطى من الخارج بقشرة ورقية كبيرة على حجم الثمرة نفسها، لها فوائد صحية كثيرة خصوصا لمرضى السكر، و تحتوى على بروتين و فيتامين C.
الشخص “الحرنكش” هو شخص يشبه ثمرة الحرنكش فى مظهرها و ليس فى فوائدها الصحية، فهو بداخله يحس بنقص شديد، فهو يشعر بعجزه و صغر مكانته و افتقاده لمهارات معينة مقارنة بالأخرين،لذلك يلجأ إلى تغليف نفسه بقشرة خارجية كبيرة مثل قشرة ثمرة الحرنكش، حتى يظنه الناس كبيرا عن حجمه الأصلى، و عندما تتعمق فى دراسة هذا الشخص و تخترق تلك الطبقة التى يحمى بها حجمه الفعلى الصغير، تكتشف حقيفته المؤسفة و هي أنه ليس بهذا الحجم الذي كنت تظنه فهو مثل ثمرة الحرنكش الصغيرة.
و هذه الشخصية مريضة نفسيا، فهي تعاني من جنون العظمة، و ترى نفسها فوق الجميع و أكبر من الجميع، و الكارثة أنها لا تقف أمام المرآة أبدا لترى حقيقة نفسها، فهي شخصية تعشق إسلوب النعامة التى تخبىء رأسها فى الرمل و تظن أن الناس لا يرونها. و ما أكثر الأشخاص “الحرنكش” فى هذه الأيام.
هل صادفت يوما ما ذلك الشخص “الحرنكش” ؟ بالطيع الإجابة “نعم”.فالحياة مليئة من هذه النوعية من الاشخاص.
بالنسبة لى، قابلت شخص كان يتحدث عن نفسه و كأنه عنترة بن شداد أو أبو زيد الهلالي سلامة، و هو فى الحقيقة لم ير السيف مطلقا أو لم يمتطى جواد قط، وكنت أستفز من داخلى، أريد ان أقول له : أنت لا شيء! ، و لكن كنت أخشى أن أصيبه پأذى نفسي يؤثر على نفسيته، و كنت أقول لنفسي: طالما نصبت نفسك محللا نفسيا قادرا على تصنيف الناس، فعلىك أن تتعامل معهم بحكمة.
فقررت أن أتقبل شخصيته و لا أضجر، فكنت أستمع له و أنصت، بل أحيانا كنت أستمتع لقصصه الخيالية عن مغامراته و معارفه و لا أسخر منها و لا أتهكم عليه. و أدركت أنى نجحت عندما بدأت أشتاق إليه و إلى أحاديثه عندما كان يغيب عنى، و المثير للعجب أنى لاحظت أن نرجسيته بدأت تقل و وجدت فيه طيبة غريبة لم اقابلها فى شخص طبيعي من قبل، و و جدت فيه البساطة و الرجولة و الإخلاص و الحب مثل ثمرة الحرنكش أيضًا فهى ذات طعم لاذع و لكن بها كثير من الأشياء المفيدة التى تجعلك تتحمل مذاقها اللاذع.
الفكرة هنا التى أريد إيضاحها هى تقبل الآخر بكل ماعليه فنحن لا نصنع الأشخاص، و إنما نحن جميعا خلق الله الذى إبتلى بعضنا ببعض الأمراض ليرفع بها المبتلى درجات لا نعرف ما مداها.
و إذا نصبت نفسك قاضيا على الناس، فكن حكما عادلا و احكم بروح القانون و لتكن مثل القاضى الأمريكى الشهير الذى تنتشر له مقاطع فيديو على اليوتيوب و صفحات التواصل الإجتماعى والذي يتعامل بروح القانون و يبتسم و يشيد و يرفع العقوبة و يحاور الأطفال و يقدر كبار السن و يعطينا مثالا جيدا للتسامح و العفو عن الآخرين حتى لو كانوا مذنبين.
إجبروا الخواطر و لا تكسروها
و تقبلوا عيوب الآخرين،
فالكمال لله العلى العظيم فقط.

More Stories
“مريم… انتصار الروح على الألم”
حين تغيّر الحلم أو تغيّرنا نحن؟
كنتُ الأمان فاتهموني أني الوجع /حين شُبّهتُ بغيري وظُلِمت بصدق مشاعري