د.محمد عبد العزيز
نواجه في الوطن العربي العديد من العقبات التي تعوق تطبيق الديمقراطية خاصة على غرار النموذج الغربي ، فنحن نمتلك ثقافة مختلفة ودين مختلف وتطور تاريخي وإجتماعي وخبرات سياسية مختلفة ، لا يعد نموذج الديموقراطية الغربي نظام سياسي وحسب بل أداة إجتماعية ليحيا المواطنين في ظل دولة قوية ، وليقتسم المواطنين السلطة والثروة ليس بالتساوي ولكن بالحد الكافي من العدالة ، يستلزم تطبيق الديمقراطية وجود رؤية سياسية واضحة وأهداف إجتماعية محددة ، تختلف الدول ذات الأنظمة الديمقراطية فيما بينها وفقا للظروف الداخلية والإقليمية لكل دولة ، يمكننا تحديد أهم العقبات التي تواجه الوطن العربي في تطبيق الديمقراطية في نقاط كما يلي :-
– التعليم في الوطن العربي لا يدعم نموذج الديمقراطية ولا يدعم روح فريق العمل والعمل الجماعي بالقدر الكافي ولا يدعم النزول على رأي الأغلبية .
– لدى الكثير من المسلمين في الوطن العربي صورة خاطئة عن الديمقراطية وأنها ضد الدين .
– يتم وضع الفقراء في الوطن العربي تحت ضغط الإتجار بالدين ويتم تصوير الأمر في أذهانهم على شكل مقارنة بين “الجنة والنار” و مقارنة بين “الديمقراطية والخلافة الإسلاميه” وذلك باستخدام الخطاب الديني المتطرف .
– حرم الصراع العربي الإسرائيلي الحكام والقادة العرب من قيادة الدول العربية لتجارب إجتماعية وسياسية جديدة أكثر تطورا وأصبح الحكام والقادة العرب منشغلين بالحفاظ علي الزعامة الشخصية لهم داخل دولهم .
– أدت وسائل التواصل الحديثة ووسائل التواصل الإجتماعي إلى تغيير ثقافة وفكر الشعوب العربية خاصة الشباب لكن لازال هؤلاء الشباب يفتقروا للخبرات والوعي اللازم لقيادة الدول العربية ، وأصبح الشباب العربي من الثوار في حين أن الديمقراطية ذاتها لا تحتاج لثوار بل تحتاج لسياسيين .
– يعطي القادة السياسيين في الغرب دعما لا محدود لإسرائيل ولا يعطوا الدعم الكافي للعرب ، تستخدم وسائل الإعلام الغربية قضايا حقوق الإنسان لوضع الحكام والقادة العرب تحت ضغط وفي موقف الدفاع عن النفس بشكل مستمر من أجل السيطرة عليهم وفي المقابل يتم تصدير المشهد الإعلامي إلى المواطن العربي بأن قادته تخون قضايا الوطن العربي ولا تخدم إلا إسرائيل والغرب .
– توجد في دول الوطن العربي طبقة تجمع بين رجال الأعمال والمسئولين الحكوميين الذين يعرقلوا أي تطبيق حقيقي للديموقراطية بهدف حماية مصالحهم الشخصية ومنظومة الفساد .
يمكن القول بإختصار أن الوطن العربي يواجه العديد من التهديدات والعقبات بشكل متداخل كلها تمنع تطبيق الديمقراطية ولمواجهتها يجب التفكير بشكل غير تقليدي ويجب بشكل أساسي تطوير التعليم والإعلام في الوطن العربي لمواجهة العالم ومعرفة ما يمكن أن نأخذه وما لا يجب أن نأخذه من الآخرين ، يجب أن نمتلك خبرتنا الخاصة في تطوير نظام سياسي وإجتماعي نابع من الواقع العربي ولا يجب إستنساخ أي نظم غربية كما هي دون دراسة الواقع العربي باختلافاته وخصوصيته ، مع مراعاة أن الخبرات المتراكمة والتجربة المحلية والإقليمية للواقع العربي تحتاج للعمل والوقت والثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم ، آخر ما نحتاج إليه في الوطن العربي في الوقت الراهن هو أن نقوم بثورة كل عام ، فالثورة تكون بعض الوقت وليس كل الوقت ، الثورة تهدف للتعبير عن الرغبة في التغيير والتغيير ذاته يحتاج للعمل لذلك فان العمل يدوم طوال الوقت إن صدقت النوايا في التغيير ، وأخشى أن تكون تلك المعاني غائبة على كثير من المواطنين لاسيما الشباب الثائر وهذا في حد ذاته تحدي كبير وجديد أمام تطبيق الديمقراطية في الوطن العربي ، في النهاية أود أن أذكر بأن الديموقراطية ليست مثالية دائما وهذا ما يؤكد على أهمية أن نخوض تجربتنا بأنفسنا وألا نستودر تجارب الآخرين دون وعي ودراسة لواقعنا العربي .
More Stories
الزوجة بين نثريات الإشتياق.. بقلم منى فتحي حامد
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
خطر الصور المفبركة عبر الذكاء الاصطناعي وطرق الوقايه منه