نوفمبر 13, 2025

جريدة الحياة نيوز

رئيس مجلس الادارة : نسرين رمزي

“أحبابي .. تحياتي” بقلم إبراهيم عمار

 

– يذكر التاريخ أنه فى القرن الأول الهجرى ولد زياد ابن أبيه ، من أمه التى كانت تعمل جارية .
– وأطلق عليه هذا الاسم لاختلاف الناس فى معرفة أبيه ، فقال بعضهم هو ابن أبى سفيان ، وقال آخرون هو ابن عبيد الثقفى . 
– ولقد ألحقه به معاوية وضمه إلى أسرته ، وادعى أنه أخوه وولاه على بعض الأمصار فأخلص له ، وقيل أنه هو الذى فتك بشيعة على رضى الله عنه ، واتفق الجميع على أنه من دهاة العرب .
– واعتمد زياد على نفسه فى تكوين شخصيته وأصبح من خطباء العرب ، وكان كاتبا لأبى موسى الأشعرى ، واستعمله عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى بعض أعمال البصرة ، وولاه معاويةعلى البصرة وخراسان .
*** ولقد خطب خطبة بتراء ، أدعو أحبابى ممن يحبون الموضوعات الأدبية منكم ، للقراءة والتمعن فى دلالات كلماتها التى تصف عصره المتقدم بعد اختصارها لصعوبتها وطولها حيث قال :
— أما بعد فإن الجهالة الجهلاء ، والضلالة العمياء ، والعمى الموفى بأهله على النار ، ما فيه سفهاؤكم وتشتمل عليه حلماؤكم من الأمور العظام ، ينبت فيها الصغير ولا يتحاشى عنها الكبير ، كأنكم تقرأون كتاب الله ولم تسمعوا لما أعد الله من الثواب الكريم لأهل طاعته والعذاب العظيم لأهل معصيته فى الزمن السرمدى الذى لا يزول ، أتكونون كمن طرفت عينه الدنيا وسدت مسامعه الشهوات واختار الفانية على الباقية ؟ ولا تذكرون أنكم أحدثتم فى الإسلام الحدث الذى لم تسبقوا إليه ، من ترككم الضعيف يقهر ويؤخذ ماله ، ما هذه المواخير المنصوبة (مجمعات أهل الفسق الواضحة) ، والصفقة المسلوبة فى النهار المبصر ، والعدد غير قليل ؟
– ألم يكن منكم نهاة تمنع الغواة عن دلج الليل وغارة النهار ؟ قربتم القرابة وباعدتم الدين وتغضون عن المختلس ، كل امرئ منكم يذب عن سفيهه ، صنيع من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معادا ، ما أنتم بالحلماء ، ولقد اتبتعم السفهاء ، فلم يزل بكم من قيامكم دونهم حتى انتهكوا حرم الإسلام .

وأكمل خطبته قائلا : – حرام علىّ الطعام والشراب حتى أسويها بالأرض هدما وإحراقا ، إنى رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله : لين فى غير ضعف وشدة فى غير عنف ، وإنى أقسم بالله لآخذن الولى بالمولى ، والمقيم بالظاعن ، والمقبل بالمدبر ، والصحيح بالسقيم ، حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول انج سعيد فقد هلك سعد .
— وقد أجلتكم فى ذلك بقدر ما يأتى الخبر الكوفة ويرجع إليكم ، وإياى ودعوى الجاهلية ، فإنى لا أجد أحدا دعا بها إلا قطعت لسانه ، وقد أحدثتم أحداثا لم تكن ، وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة ، فمن أغرق قوما أغرقناه ، ومن أحرق قوما أحرقناه ، ومن نبش قبرا دفناه فيه حيا ، فكفوا ألسنتكم وأيديكم أكف عنكم يدى ولسانى ، فمن كان محسنا فليزد فى إحسانه ، ومن كان مسيئا فلينزع عن إساءته ، فاستأنفوا أموركم ، وأعينوا على أنفسكم ، فرب مبتئس بقدومنا سيسر ، ومسرور بقدومنا سيبتئس .

*** هذاجزء من الخطبة مارأيكم ؟وقد كان هذا فى عصره المتقدم فما بالنا بعصرنا ؟ وأنا مستعد لشرح بعض كلماتها لمن أراد ذلك .

— اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول ، وفتنة العمل ، ونعوذ بك من التكلف لما لانحسن ، كما نعوذ بك من العجب بما نحسن ، ونعوذ بك من السلاطة والهذر ، كما نعوذ بك من العي والحصر .